للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفوق، وإكسير القوة، وأسباب التقدم (١).

أيها المسلمون .. أراد الأعداء للمسلمين قديمًا - ويريدون لهم حديثًا- أن يكونوا تابعين لمللهم، منحازين إلى فكرهم: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}. وحيث نجح المسلمون وتفوقوا على أعدائهم فيما مضى، فلماذا تأخر ركبهم فيما بعد؟

ليس مكمن الخطر أن يتفوق الأعداء في الميدان العسكري، فالأيام دول بين الناس، والضعيف يقوى، ولكن الهزيمة المنكرة هي التراجع في القيم، والخسارة في الأخلاق، والهزيمة في الفكر، والشك في المبادئ، والتذبذب في الهوية، والغزو الفكري، والهزيمة النفسية أخطر وأبلغ أثرًا من الغزو العسكري.

وإذا كان ثمة حديث عن وسائل هذا الغزو الفكري؛ فالإعلام آلته الكبيرة، ووسائله المتعددة وسيلة كبرى من وسائل التغريب والاعتداء على الهوية، وما فتئ الأعداء يستخدمون الإعلام في نشر الرذيلة، وتسويق الأفكار المنحرفة، ونقل وافد الثقافات، كما باتت الشاشات المصنوعة بعناية - والمملوءة بالبرامج الساقطة- تغزو العقول، ويستعاض بها عن الجيوش؛ ففي جهاز الغرفة تقصف الأهداف، وعبر الشاشة تدمر القيم، وتنحر الفضيلة، ومن خلال البرامج الحوارية أو المسلسلات تصدر الأفكار، وتروج الشبهات.

ومن خلا الكتب الرديئة والمقالات في الصحف والمجلات المنحرفة، تجيّر العقول، وتحدد الاتجاهات وعبر (عولمة) الاقتصاد أو بنوك الربا، يفرض الربا، ويشاع الاحتكار، ويختلط الحق بالباطل في المعاملات، وتكون الخسائر والنكبات المالية.


(١) (ابن حميد -بتصرف يسير- توجيهات وذكرى (خطيب) ١/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>