للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفوق ذلك فدونك موقفه صلى الله عليه وسلم مع زعيم المنافقين عبد الله بن أبي حين توفي فقد أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه، وصل عليه، واستغفر له، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه فقال: آذني أصلي عليه، فآذنه، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه، فقال: أليس الله قد نهاك أن تصلي على المنافقين؟ فقال: أنا بين خيرتين قال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} فصلى عليه، فنزلت: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً} (١).

وفي الحديث الآخر عن جابر رضي الله عنه قال: «أتى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي بعد ما دفن، فأخرجه فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه» (٢).

قال أهل العلم: ألبسه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه استصلاحًا للقلوب المؤلفة (٣) وفصل ابن حجر وغيره من أهل العلم في تعليل موفقه صلى الله عليه وسلم من (ابن أبي) عند موته. قال الحافظ: وإنما لم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي عمر وصلى عليه إجراءً له على ظاهر حكم الإسلام واستصحابًا لظاهر الحكم، ولما فيه من إكرام ولده الذي تحققت صلاحيته، ومصلحة الاستئلاف لقومه ودفع المفسدة (٤).

وقال الخطابي: إنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع عبد الله بن أبي ما فعل لكمال شفقته على من تعلق بطرف من الدين، ولتطبيب قلب ولديه عبد الله الرجل الصالح،


(١) (الصحيح مع الفتح ٣/ ١٣٨ ح ١٢٦٩).
(٢) (رواه البخاري ح ١٢٧٠، الفتح ٣/ ١٣٨).
(٣) (الفتح ٣/ ١٣٨، ١٣٩)
(٤) (الفتح ٨/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>