للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أنكر إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله على من جمع الأخبار التي فيها طعن على بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغضب لذلك غضبًا شديدًا وقال: «لو كان هذا في أفناء الناس لأنكرته فكيف في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم» .. فقال له المروذي: يا أبا عبد الله فمن عرفته يكتب هذه الأحاديث الرديئة ويجمعها، أيهجر؟ قال: نعم، يستأهل صاحب هذه الأحاديث الرديئة الرجم (١).

وقد كشف الإمام أبو زرعة عن هوية وأهداف القادحين في الصحابة فقال: إذا رأيت الرجل ينتقض أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة (٢).

وقد اتفقت الأمة وأهل العلم في مقدمتهم على خيرية الصحابة، بل شهد لهم الرسول بذلك حين قال «خير الناس قرني» متفق عليه (ومعاوية) معدود في أولئك القرن، بل معاوية شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم (حنين) فدخل في جملة المؤمنين الذين وصفوا بالإيمان، وشهد القرآن بإنزال السكينة في قلوبهم {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} إلى قوله: {ثُمَّ أَنَزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} .. فمعاوية داخل في هذه الأوصاف لشهوده الواقعة ومن وصفه بالنفاق أو الفسوق بعد شهادة القرآن له ولأمثاله بالإيمان فقد افترى إثمًا عظيمًا واحتمل بهتانًا وإثمًا مبينًا.

بل لقد استنبط العلماء معنى دقيقًا، وفضلًا واسعًا للصحابة من قوله تعالى:


(١) (رواه الخلال في كتاب: السنة ٣/ ٥٠١ بسند صحيح (العلوان/ ٨، ٩).
(٢) (رواه الخطيب في الكفاية في علم الرواية ٩٧، وابن عساكر في تاريخه ٣٨/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>