للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: رسول الله صلى الله عليه وسلم يصحبه صحابة السوء، وما أقبح بالرجل أن يصحبه صحابة السوء، فقال: ما أراه إلا كما قلت.

بشرية معاوية وإنصافه

ومع ذلك يبقى معاوية رضي الله عنه كغيره من الصحابة وإن اختلفت مراتبهم وتفاوت فضلهم بشرًا، يصيب ويخطئ، وما أجمل ما قاله شيخ الإسلام وهو يدفع عن معاوية التهم الباطلة ويقول: «نحن لا ننزه معاوية ولا من هو أفضل منه عن الذنوب، فضلًا عن تنزيهه عن الخطأ في الاجتهاد (١).

(حوار المسور مع معاوية وانتصار معاوية)

بل وأجمل من ذلك اعتراف معاوية بذنوبه، وسؤاله ربه المغفرة، وعمله من الحسنات ما يكفر بها السيئات حتى خصم المسور بن مخرمة رضي الله عنه وهو من خيار صغار الصحابة (ذكره ابن حجر والذهبي ولادته بعد الهجرة بسنتين، توفي سنة ٦٤ هـ (٢) كما قال ابن تيمية (٣).

وقد نقل ابن تيمية، والذهبي وقبلهم ابن عساكر هذا الحوار العقول ومما جاء فيه: عن عروة أن المسور أخبره أنه قدم على معاوية فقال: (معاوية) يا مسور: ما فعل طعنك على الأئمة؟ قال: دعنا من هذا وأحسن فيما جئنا له، قال: لتكلمني بذات نفسك بما تعيب علي؟ قال (المسور) فلم أترك شيئًا إلا بينته، فقال (معاوية) لا أبرأ من الذنب، فهل تعد لنا مما نلي من الإصلاح في أمر العامة، أم تعد الذنوب وتترك الحسنات؟ قلت: نعم، قال (معاوية) فإنا نعترف لله بكل ذنب، فهل لك ذنوب في خاصتك تخشاها؟ قال: نعم، قال: فما يجعلك الله برجاء المغفرة أحق مني، فوالله ما ألي من الإصلاح والجهاد، وإقامة الحدود أكثر مما يلي، ولا أخير بين الله وبين غيره إلا اخترت الله على


(١) (منهاج السنة ٢/ ٢٦١).
(٢) (الإصابة، والسير ٣/ ٣٩١، ٣٩٤).
(٣) (في المنهاج ٢/ ٢٦١)

<<  <  ج: ص:  >  >>