للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ستة شبابٍ تقدموا للالتحاق بالخدمة العسكرية في خلال الحرب العالمية الأخيرة رد على أعقابه لأنه يعاني مرضًا جسميًا أو نقصًا عقليًا (١).

هذه معاشر المسلمين صيحةُ محزنةٌ قديمة، ووراء الإحصاءات الحديثة أدهى وأمر. وإذا كانت تلك البيئاتُ الفاسدةُ موطن هذا المرضِ وأمثالهِ، فلا يعني براءةَ بلاد المسلمين منه، ولا عصمةَ المنتسبين للإسلام من آثاره.

وإذا كان الله قد حكم على هذه الدار بالفناء، وكتب على ابن آدم حظه فيها من الكبد والنكد والشقاوة أو السعادة، فذلك يعني أن نصوص الشريعة جاءت على ذكر الهم والحزن وما يتبعهما من غم وقلق، وضيق وغضب وتعرض للسراء والضراء، لكن ميزة هذه النصوص أنها موجهةٌ وهادفة. فالخوف أساسًا ينبغي أن يكون من الله، والخشية الحقيقية من عذابه وعقابه {فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}. {والذين هم من عذاب ربهم مشفقون} (٢) والغضب يتبعه الرضا والمغفرة {وإذا ما غضبوا هم يغفرون} (٣) ولا داعي للقلقِ والتحسر على ما مضى، أو زيادة الفرح على ما أوتي وأعطي {ولكيلا لا تألسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} والصبر حين تحل الضراء والشكر حين تكون السراء، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن كما صح الخبر، والهموم ينبغي أن تقصر ولا تشعب، وفي الحديث «من جعل الهم همًا واحدًا، هم المعاد كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أودية الدنيا هلك» (٤) والدعاء سبب لإزالة الهم والقلق، وقد أبصر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأنصار في المسجد قد ركبته الديونُ


(١) انظر: جدد حياتك. محمد الغزالي ٣٧، ٣٨.
(٢) سورة المعارج، الآية: ٢٧.
(٣) سورة الشورى، الآية: ٣٧.
(٤) رواه ابن ماجه بسند حسن (صحيح الجامع الصغير ٥/ ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>