للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد جاء في حديث آخر «الحسب المال، والكرم التقوى» (١).

والمعنى كما قيل في شرح الحديث: الشيء الذي يكون فيه الإنسان عظيم القدر عند الناس هو المال، والذي يكون به عظيمًا عند الله هو التقوى. (الألباني في تعليقه على هذا الحديث في صحيح الجامع) وفي التنزيل «إن أكرمكم عند الله أتقاكم» (٢) وكما ذم القرآن من آتاه الله من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بحملها العصبة من الرجال، فقد أثنى الله ورسوله على أصحاب المال البارين على الفقراء المهاجرين وعلى الذين لا يجدون ما ينفقون بكوا إذ لم يجدوا ما يحملون به أنفسهم للغزو في سبيل الله حيث نصحوا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

وكما يسأل المرء عن ماله من أين اكتسبه، يسأل كذلك: وفيم أنفقه؟ إن الذين يتخوضون في هذا المال فلا يبالون بجمعه من أي مصدر وبأي طريقة قوم جاهلون، وإن الذين يهلكون هذا المال فيما حل أو حرم قوم يسرفون على أنفسهم مؤاخذون على تجاوزاتهم، وليس أمام المسلم خيار في جمعه كيف شاء أو في إنفاقه كيفما أنفق «فلن تزولا قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ومنها: عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه» (٣).

وفيما أحل الله غنية عما حرم، وفي الكسب الحلال راحة بال، وطمأنينة قلب، وخير وبركة وفي الكسب الحرام شقاء ونكد، وهموم وغموم، ولوم وتقريع في الدنيا، ومساءلة وحساب يوم العرصات والقيامة الكبرى.


(١) رواه أحمد والترمذي وغيرهما بسند صحيح (صحيح الجامع ٣/ ٩٨).
(٢) لكن إن اجتمع المال والتقى فنور على نور ونعم المال الصالح للرجل الصالح، وفضل الله يؤتيه من يشاء.
(٣) (رواه الترمذي وصححه الألباني صحيح الجامع ٦/ ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>