للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس الأمر على إطلاقه .. وقد يخلط بين التعصب والثبات على الحق .. وبينهما فروق لا تخفى أن مِن سيما العلماء الراسخين .. وأهل العقل والحكمة الرجوع إلى الحق إذا تبين لهم .. فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها ..

بل إن التعصب ظاهرة تؤدي في النهاية إلى التفرقة والاختلاف ورقص الحق، وهو من خصال أهل الكتاب كما قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ} (البقرة: ٩١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فوصف اليهود: أنهم كانوا يعرفون الحق قبل ظهور الناطق به والداعي إليه، فلما جاءهم الناطق به من غير طائفة يهودونها لم ينقادوا له - إلى أن قال وهذا يبتلى به كثير من المنتسبين إلى طائفة معينة في العلم أو الدين من المتفقهة أو المتصوفة أو غيرهم، أو إلى رئيس معظم عندهم في الدين- غير النبي صلى الله عليه وسلم- فإنهم لا يقبلون من الدين رأيًا ورواية إلا ما جاءت به طائفتهم .. مع أن دين الإسلام يوجب اتباع الحق رواية ورأيًا من غير تعيين شخص أو طائفة - غير الرسول صلى الله عليه وسلم (١).

إخوة الإسلام إن المسلم الحق هو الذي يقبل الحق ممن جاء به، ويرفض الباطل أيًا كان مصدره فالحق - كما يقول شيخ الإسلام- يستحيل أن يكون اجتهادي.

ومن الظلم والتعسف أن تلزم الناس برأي اجتهادي انتهيت إليه وقد يكون هناك ما يخالفه بل ما هو أقوى منه.

ولهذا عرف الشوكاني التعصب وحذر منه بقوله: «أن تجعل ما يصدر عن


(١) (اقتضاء الصراط المستقيم ١/ ٧٤، ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>