(الأيام المتبع) من الرأي ويروى له من الاجتهاد حجة عليك وعلى سائر العباد، فإنك إن فعلت ذلك كنت قد جعلته شارعًا لا متشرعًا، ومُكَلِّفًا لا مكلفًا» (١).
عباد الله ومن صور التعصب التعصب لاتباع مذهب من المذاهب الأربعة - وفي مسألة يسوغ فيها الخلاف- وقد يكون رأي الإمام الآخر أقوى من رأي الإمام الذي اتبعته .. ويرحم الله هؤلاء الأئمة فقد حذروا من التعصب لهم وذموا من أخذ أقوالهم بغير حجة، وكان يروى عنهم: إذا صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو مذهبي ..
أما التعصب لمذهب أو نحلة من النحل الباطلة فذلك أشد وأنكى وبعض هؤلاء المتعصبة لا حجة لهم إلا أنهم ورثوا هذا الرأي أو المعتقد عن آبائهم وأجدادهم، وتلك حجة داحضة عاتب الله القائلين بها، وعاب القرآن أصحابها الذين قالوا: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ} (الزخرف: ٢٢، ٢٣).
ومن صور التعصب أن يظل الأتباع المقلدون على رأي شيخهم وإن تُخلى عنه وتبين له الحق في خلافه بحجة أن هؤلاء الأتباع ثابتون على الحق وإن تغير عنه من تغير، ولو ذهبت تناقش هؤلاء الأتباع لم تجد عندهم من قوة الدليل ما يناقشون به أو يدعم ثباتهم.
إن الثبات على الحق المدعوم بالدليل شيء، والتعصب لما ألفه الإنسان وسار عليه فترة من حياته شيء آخر.
(١) أدب الطلب للشوكاني عن: مقدمة في أسباب اختلاف المسلمين/ ٨٦.