أيها المسلمون ماذا نستفيد من هذه القصة .. وما هي معالم التربية في سيرة النبي المعلم صلى الله عليه وسلم؟ وكيف نتعامل من الخطأ والمخطئ؟
إن القصة لمن تأمل لا تبدأ بالعنف والتوبيخ، وإن كان الخطأ واضحًا، والسخرية يعترف بها أصحابها .. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ بالتثبت لمن وقع منه الفعل، فلا يؤخذ المتهم بجريرة المخطئ وإذا علم المخطئ كان التعامل مع الخطأ بطريقة تربوية حكيمة يعود المخطئ من كره النبي إلى محبته، ومن كره الآذان والاستهزاء به إلى محبة له تتعمق فيه وفي نسله من بعده.
إن الشباب له نزواته ولكن سهل قريب للخير إذا وجد من يأخذ بيده ويشجعه .. وكذلك صنع الرسول صلى الله عليه وسلم بأبي محذورة، فهو يأمره بالآذان ويعلمه كيف يؤذن، ثم لا يبخل عليه بهدية تفتح نفسه وتحببه لمن أهدى إليه، بل يزيد النبي صلى الله عليه وسلم فيمسح بيده الشريفة من ناصيته حتى بلغت يده سرة أبي محذورة .. ثم يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بالدعاء والتبريك لأبي محذورة .. ثم يختم الموقف النبوي بإعطاء الثقة واستثمار الموهبة لهذا الشاب ليكون مؤذن المسجد الحرام؟ ما أروعها من أساليب في التربية، وما أحوجنا إلى هذه القيم الرفيعة في المعاملة والدعوة، وكم هي كنوز التربية في السيرة النبوية.
إخوة الإسلام إنها معالم في التربية ما أحوج الآباء والمربين والدعاة والمتحدثين إلى فهمها وممارستها ..
وإذا تحدث المتخصصون في التربية كان لهم في رحاب السيرة النبوية متسع
(١) الحديث أخرجه أبو داود في الصلاة، والنسائي وأحمد بهذا الإسناد، وأخرجه غيرهم (سير أعلام النبلاء ٣/ ١١٨).