أيها المسلمون إنما أنتم مبشرون لا منفرون، ولن تسعوا الناس بأرزاقكم ولكن تسعوهم بأخلاقكم .. ولكم في رسول الله قدوة في تحويل الأخطاء إلى سلوكيات منضبطة .. وفي تحويل المستهزئين الطائشين إلى أحلاس مساجد تتجاوب جبال مكة مع تكبيرهم وندائهم بالآذان، ويشهد الناس لأبي محذورة بنداوة الصوت وحسن النغمات حتى قال الشاعر:
أما ورب الكعبة المستورة ... وما تلا محمد من سورة
والنغمات من أبي محذورة ... لأفعلن فعلة منكورة (١)
زار عمر رضي الله عنه مكة، وأبو محذورة مؤذن المسجد الحرام، فأذن أبو محذورة ثم جاء يسلم على عمر فقال له عمر: ما أندى صوتك .. قال علمت أنك قدمت فأحببت أن أسمعك صوتي.
وبقي أبو محذورة على العهد والإيمان وقضى عمرة مؤذنًا للمسجد الحرام، وكان اللقاء الأول الذي كرهه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- البداية لسعادته-، إلا ما أروعك يا نبي الله في حربك وسلمك، وفي تعاملك مع أصحابك وأعدائك ولا غرابة فقد أدبك ربك فأحسن أدبك وشهد لك بحسن الخلق والرأفة والرحمة {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران: ١٥٩].