للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن نافع- مولى ابن عمر- أن صبغيًا العراقي جعل يسأل عن أشياء من القرآن في أجناد المسمين حتى قدم مصر، فبعث به عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب، فلما آتاه الرسول بالكتاب فقرأه، فقال: أين الرجل؟ فقال في الرحل، فقال عمر: أبصر أن يكون ذهب فتصيبك مني به العقوبة الموجعة، فأتاه به فقال عمر: تسأل محدثة فأرسل عمر إلى رطائب من جريد فضربه بها حتى ترك ظهره وبرة، ثم تركه حتى برأ، ثم عاد له، ثم تركه حتى برأ، فدعا به ليعود له، فقال صبيغ: إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلًا جميلًا، وإن كنت تريد أن تداويني فقد والله برئت، فأذن له إلى أرضه، وكتب إلى أبي موسى الأشعري أن لا يجالسه أحد من المسلمين، فاشتد ذلك على الرجل، فكتب أبو موسى إلى عمر أن قد حسنت توبته فكتب عمر أن يأذن للناس بمجالسته (١)، عن ناصر العقل صبيغ نفعه الله بأدب عمر، ولذا لما خرجت الخوارج قيل هذا يومك، فقال: نفعني الله بأدب الرجل الصالح (٢).

أما المسلمون فالتزموا بتوجيه عمر وهجر صبيغ حتى كان الواحد منهم يفر من مجالس صبيغ ويقولون هذه عزمة أمير المؤمنين .. وكذلك سعى أن يهجر المجتمع أصحاب البدع.

هكذا أبطل الفاروق فتنة الشبهات وإثارة الجدل في أمور لا يحتاجها المسلمون إنما هي من منهج أهل الأهواء والبدع، وكذلك كان المسلمون بمجملهم يحذرون من الأهواء، ويلزمون الناس بالسنة والأثر.

قال عمر بن عبد العزيز: السنة إنما سنها من علم ما جاء في خلافها من


(١) (سنن الدارمي ١/ ٥٥، ٥٦، الإبانة ١/ ٤١٤، ٤١٥
(٢) دراسات في الأهواء والفرق (١/ ٢٢١)

<<  <  ج: ص:  >  >>