للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزلل، ولهم كانوا على المنازعة والجدل أقدر منكم» (١).

وهو القائل من جعل دينه غرضًا للخصومات أكثر التنقل ..

أي التنقل من رأي إلى رأي ومن بدعة إلى أخرى (٢).

وقال الشعبي: (إنما الرأي بمنزلة الميتة إذ احتجت إليها أكلتها) (٣).

وعن إبراهيم النخعي قال: كانوا- يعني السلف- يكرهون التلون في الدين (٤).

هكذا كان العلماء يحرصون على جمع الناس على السنة، ويحذرونهم من البدع، والأهواء، والخصومات والمناقشات الكلامية.

وكذلك كانوا يثنون على الراسخين في العلم الثابتين على الحق.

أيها المسلمون فرق بين الراسخين والزائغين، فالراسخون لا يتعلقون بالشبهات، بل يردون المشتبهات إلى المحكمات، ويؤمنون بما جاء عن الله وصح عن رسوله صلى الله عليه وسلم، والراسخون هم قوم برت إيمانهم وصدقت ألسنتم، واستقامت قلوبهم، وأعفوا بطونهم وفروجهم - كما جاء في بعض الآثار (٥).

أما الزائغون فهم يتعلقون بالشبه ويثيرون اليقين وهم المتقلبون المتلونون قال تعالى: {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الألْبَابِ} [آل عمران: ٦، ٧].

روى البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه


(١) (الشرح والإبانة ١٢٣ عن دراسات في الأهواء للعقل/ ٧٧).
(٢) (السابق/ ٧٩).
(٣) الإبانة ١/ ٢١٦.
(٤) (جامع بيان العلم وفضله ٢/ ٩٣).
(٥) (ابن كثير ٢/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>