للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن حكم الابتلاء تمييز المؤمن من المنافق، لأنه لو استمر النصر للمؤمنين في جميع الوقائع لدخل في الإسلام من لا يريده فإذا حصل في بعض الوقائع والمراحل بعض أنواع الابتلاء تبين المؤمن الحقيقي الذي يرغب في الإسلام في السراء والضراء واليسر والعسر والنصر والهزيمة، ممن ليس كذلك.

ومن الحكم في الأدلة على المؤمنين وهزيمتهم أن يتخذ الله من المؤمنين شهداء، إذ الشهادة عند الله من أرفع المنازل ولا سبيل لنيلها إلا بما يحصل من وجود أسبابها، فالله تعالى بعلمه وحكمته يهيء للمسلمين ما تكرهه نفوسهم ظاهرًا لكنه خير لهم عند ربهم ..

ومن حكم إزالة الكافرين على المؤمنين أن يمحص الله ذنوب المؤمنين بما ينالهم من هم وأذى قد يصل إلى القتل لتتحقق لهم الشهادة ويمحق الله الكافرين. فهذا النصر لهم ظاهرًا يخفى وراءه محقًا وهلاكًا لهم، فإنهم إذا انتصروا بغوا وتجبروا وزادوا طغيانًا وإفسادًا في الأرض، وهذا يعجل عقوبتهم، وانتهاء أمرهم.

أن على المؤمنين ألا يهنوا ولا يحزنوا ولا يحبطوا ما داموا على الحق ثابتين حتى وإن قهرهم وغلبهم عدوهم، وألا ينظروا إلى الهزيمة على أنها حظهم ما داموا أحياء، بل عليهم أن يصبروا ويصابروا ويرابطوا ويفعلوا من الأسباب ما يعذرون به أنفسهم أما النصر فمن عند الله هو أعلم به وهو الذي يوقعه بحكمته متى شاء. {وما النصر إلا من عند الله}.

وعليهم أن يتيقنوا بأن الحق منصور، وأن العاقبة للتقوى ..

لقد أوذي وفتن المؤمنون وفيهم الأنبياء، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا ولا استكانوا حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصر الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>