مادية، وبات تقييم الناس على حسب ما عندهم من الدرهم والدينار لا على حسب ما لديهم من الإيمان والتقى ..
وتلك موازين تطيش لكنها لا تلبث أن تنتهي .. يروى أن ملكًا من بني إسرائيل ركب يومًا في موكب له فتشرف الناس فنظروا إليه حتى مر برجل يعمل شيئًا مكبًا عليه، فلم يرفع رأسه إليه، فوقف عليه فقال: كل الناس تشرف علي ونظر إلي، من أنت؟ قال الرجل إني رأيت ملكًا قبلك كان على هذه القرية، مات هو ومسكين، فدفن الرجل إلى جنبه فلم أزل أتعاهدهما كل يوم أنظر إليهما حتى تفرقت أوصالهما، وكشفت الريح عن قبورهما ثم اختلط رأس هذا ورأس هذا، وعظام هذا وعظام هذا، فلم أعرف رأس من رأس الناس، فلذلك لم أنظر إليك (١).
وإذا كانت الآخرة خيرًا وأبقى فأهلها هم من قال الله عنهم {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص: ٨٣].
أما الطغاة والمفسدون في الأرض فأولئك قال الله عنهم: {لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلاَدِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران: ١٩٦، ١٩٧].