للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله من رأينا من أمره شيء ضربنا عنقه كائنًا من كان».

قال ابن حجر: وخطبهم بنحو ما خطب الصديق أهل المدينة (١).

أيها المسلمون ليس الحديث عن معركة بدر بالتفصيل- وإلا لطال الكلام- وفي المعركة دروس وعبر تستحق الوقفة والنظر، ولكنني في هذا المقام اكتفي بعرض موقف آخر في صف المسلمين، بعد أن عرضت لموقف في صف المشركين وهو مؤشر على صدق المسلمين في الجهاد، وتنافسهم على الشهادة في سبيل الله وهذا سعد بن خيثمة بن الحارث، وأبو خيثمة- رضي الله عنهما- اختلفا أيهما يخرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم للمعركة، وأيهما يبقى مع النساء! إذ لا بد لأحدهما أن يقيم، فقال الأب- وهو شيخ كبير- لابنه مستخدمًا حق الأبوة «آثرني بالخروج وأقم أنت مع النساء، فأبى الولد سعد- لا عصيانًا ولا عقوقًا- ولكن رغبة فيما عند الله وقال: «لو كان ذلك غير الجنة آثرتك به، وإني لأرجو الشهادة في وجهي هذا» واشتد الخلاف بينهما كل يريد الخروج (لبدر)، فلم يجدا حلًا إلا أن يستهما، فخرج السهم لسعد- الابن- فخرج فاستشهد يوم بدر (٢).

تأملوا في هذه الصورة وقارنوا بينها وبين واحد من زعامات قريش وهو أبو لهب الذي خاف من الخروج لبدر رغم عداوته للرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين، ولم يحضر المعركة، وأناب عنه رجلًا بثلاثة آلاف دينار .. ولكن الله قتله بآثار المعركة، فمن سمع نتيجة المعركة وهزيمة المشركين كان الخبر قاسيًا عليه، فأصابته الحمى ويقال إنه مات كمدًا وغيظًا.


(١) (الإصابة ٤/ ١٤٦، سير أعلام النبلاء ٢/ ١٩٤، خطب د. عبد الرحمن المحمود/ ٣٧٧).
(٢) (الإصابة لابن حجر ٤/ ١٤٠، سير أعلام النبلاء للذهبي ١/ ٢٦٦/ المحمود/ خطب ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>