إن قولة «لا إله إلا الله» سهلة باللسان لكنها عظيمة في الميزان .. وهي وإن قلت حروفها فهي تحمل أسمى المعاني وترسخ التوحيد - بهذه الكلمة بعث المرسلون وبها يحكم بالإسلام أو الكفر - وعليها التقت جيوش الكفر والإيمان وبها انقسمت الخليقة بين حزب الرحمن وحزب الشيطان ..
ذكر الله شعائر المسلم بكل حال، وبه أنه أتى اختلف الزمان أو تباعد المكان {أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}{وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}.
وإذا تلبس الحاج بالذكر من حين يحرم ذاكرًا لله مسبحًا بحمده وملبيًا لله وحده لا شريك له .. بل وقيل ذلك من حين خروجه من بيته فابتدأ بدعاء السفر المشتمل على ذكر الله .. ثم بطل الحاج مستصحبًا لذكر الله في الطواف حول الكعبة وبين الصفا والمروة، وفي منى التي ترتج بذكر الله وتكبيره وفي عرفات حيث أفضل الدعاء .. وأفضل ما قال محمد صلى الله عليه وسلم والنبيون من قبله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له وحين الإفاضة من عرفات يطيب الذكر عند المشعر الحرام {فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام} وهكذا يستمر الذكر عند الجمرات وعند نحر الهدي، بل ويأمر الحاج بذكر الله بعد قضاء المناسك وفراغها والحق تبارك وتعالى يقول: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ (٢٠٠) وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (٢٠١) أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [البقرة: ٢٠٠ - ٢٠٢].
ولئن اختلف أهل التفسير في معنى قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ