للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلوب وتنشرح له الصدور .. يذكروه في حال اجتماعهم بغيرهم ليذكروهم عظمة الله ويذكروه في حال خلوتهم فتفيض أعينهم خوفًا منه ووجلًا ويذكرهم الله في ملأ خير من ملأهم ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: رجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه وذكر الله يستوجب تعظيم حرمات الله، والوقوف عن حدود الله وتعظيم شعائره {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: ٣٢] وينبغي أن يشمل ذكر الله الذب عن دينه والدعوة إلى هداه، فليس الذب عن الأعراض والأنساب بأولى من الذب عن دين الله وحرماته .. ولا ينبغي أن يطعن ذكر الآباء والأجداد والمفاخرة بمآثرهم، على ذكر الله والانتصار لدينه، والذب عن حماه - تلك الحقيقة التي تمثلها العارفون فقال قائلهم:

أبي الإسلام لا أبل لي سواه ... إذا فتحزوا بقيس أو تميم

إن ذكر الله يرفع أقوامًا قعدت بهم أحسابهم ولم ترق إليها أنسابهم وذكر الله يكثر القليل، ويقوي الضعيف .. هو سيما المؤمنين، وهو حرز من الشياطين .. ذكر الله عدة المجاهدين، وملاذ الخائفين، وقرة عيون الموحدين.

ألا وإنه لا يكفي أن تترد كلمات الذكر على الألسن، والقلوب غافلة غارقة في الشهوات .. إن حقيقة الذكر تعظيم من ذكر (١)، وإذا أردت يا أخا الإسلام أن تعلم قدر ذكرك لله فانظر في صدق محبتك لله وزودك عن شريعته .. والتزامك بهدي محمد صلى الله عليه وسلم وسنته، ويبقى بعد ذلك ذكرك لله تعظيمًا وتعبدًا واعترافًا بأنه أكبر من كل شيء، ومع ذلك كله فذكر الله لعباده بالثواب والثناء عليهم أكبر من ذكرهم إياه في عبادتهم وصلواتهم،


(١) ومن علائم الذاكرين الصادقين أن توجل قلوبهم إذا ذكر الله، ويزداد إيمانهم إذا تليت عليهم آياته {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}.

<<  <  ج: ص:  >  >>