للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو حديث ضعيف، والخبر منكر كما قال الذهبي ولا يشرع لأحد بعد نزول القرآن أن يقرأ التوراة ولا أن يحفظها، لكونها مبدلة محرفة منسوخة العمل، قد اختلط فيها الحق بالباطل فلتجتنب، فأما النظر فيها للاعتبار وللرد على اليهود فلا بأس بذلك للرجل العالم قليلًا، والأعراض أولى .. هكذا قرر الإمام الذهبي رحمه الله (١).

أيها المسلمون وإذا علمتم قوة ابن عمرو في العبادة، وسعة باعه في العلم، ولا تكاد مدونة من مدونات أهل العلم إلا وفيها ذكر حسن له فمن حقكم جميعًا .. ومن حق الشباب على وجه الخصوص أن يعلموا أن ابن عمرو نموذج لبر الآباء، إلى حد ربما أكره نفسه على العمل يقدم عليه تحقيقًا للبر بأبيه .. أجل لقد كان عبد الله يكره الاقتتال وحمل السلاح بين المسلمين، وقد ورد عنه أنه كان يقول: مالي وصفين مالي ولقتال المسلمين، والله لوددت أني مت قبل هذا بعشر سنين ثم يقول: أما والله ما ضربت فيها بسيف ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم، ولوددت أني لم أحضر شيئًا منها، وأستغفر الله عز وجل من ذلك وأتوب إليه ..

وذكر ابن عبد البر رحمه الله أن عبد الله إنما شهد صفين لعزمة أبيه عليه في ذلك، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: أطع أباك (٢).

وفي مسند أحمد عن حنظلة بن خويلد العنبري قال: بينما أنا عند معاوية، إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار رضي الله عنه فقال كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال عبد الله بن عمرو: ليطب به أحدكما نفسًا لصاحبه، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تقتله الفئة الباغية» فقال معاوية رضي الله عنه يا عمرو: ألا تغني


(١) (سير أعلام النبلاء ٣/ ٨٦).
(٢) (الاستيعاب ٦/ ٣٤٢، ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>