كانت الإشارة إلى شرائع السماء بالقرآن قص أحسن القصص، وبالقرآن أحكمت الشريعة فلا نسخ ولا تبديل إلا ما أتى الله بخير منها أو مثلها وفي حياة محمد صلى الله عليه وسلم فقط وبعد موته انقطع الوحي من السماء، وتوارثت أمة الإسلام هذا القرآن تحفظه في الصدور، وتجده مكتوبًا في الألواح والمصاحف، ومهما أصاب الأمة من نكبات وخطوب، ومهما اجتاح العدو أرضها أو دمر ما دمر من حضارتها فقد بقي القرآن شاهدًا على التحدي، برهانًا على الحفظ والإعجاز .. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
وكلما ضعف المسلمون عن القرآن هبت صيحات تنادي بالعودة إلى كتاب الله، فينبعث للقرآن جيل جديد، وتنبعث همم لحفظه وتدريسه والعناية به وبعلومه، وتنشأ مؤسسات ودروس ومعاهد وجامعات للقرآن.
وعلى مر العصور وللقرآن رجال ونساء يحييون الليل بالقرآن قراءة وتدبرًا وبكاء وخشوعًا.
وعلى اختلاف الدول كان للقرآن سلطان، به يساس الناس، وبأحكامه يؤخذون، وبهديه يهتدون.
وعلى اختلاف الأحوال حضرًا وسفرًا وحجة ومرضًا كان القرآن للمسلم رفيقًا ومؤنسًا يتلوه المسلم قائمًا وقاعدًا وعلى جنب وبقي القرآن خير جليس ومؤنس في حال الغربة والوحشة فالقرآن يتلى في غياهيب السجون .. ويترنم السجناء بآياته وهم في قبضة الأعداء يسامون سوء العذاب، ويعاملون بوحشية مفرطة ويعزلون عن أهليهم ومجتمعاتهم في جزر بعيدة الأعماق نائية عن الأمن والإيمان هناك في «غوانتناموا» يسمع دوي للقرآن، وينفس المكروبون عن أنفسهم بترتيل القرآن، ويناجون ربهم بالقرآن.
ولكن الظلم يتجاوز الحدود، وكرامة الإنسان تهان إلى الأذقان، بل وشرائع