بانتشار الإسلام وتحطيم دول قامت على الكفر والظلم والاستبداد.
وكانت العولمة أو العالمية (كما جاءت في المصطلح الإسلامي) هاجسًا ثم واقعًا مارسه مسلمون واثقون بدينهم، ملتزمون بقيمه حتى نجحوا في اختراق آفاق آسيا، وأفريقيا، والإمبراطورية الرومانية، والفارسية حتى يموت المجاهدون على أسوار القسطنطينية، أو يغرق في بحار الفرس، أو يستشهد في ما وراء النهر .. أو يقف على عتيات البحر ليقول: «والله لو أعلم وراء هذا البحر قومًا نبلغهم الدعوة للإسلام لامتطيت خيلي مجاهدًا إليهم.
الله أكبر كم في هذه المجاهدة الراشدة من همم تموت لها أنفس الضعفاء .. ولا تنام لعزها أعين الجبناء؟
واليوم ما زاد هي المسلمون وكيف حال العالم الإسلامي؟
تقهقر وتبعية وذل وهوان، تغري أرضهم وتستعمر بلادهم وتنهب ثرواتهم، والهدف الأكبر سحق هويتهم، واستئصال إسلامهم، إنها عولمة منكوسة، وعالمية مرفوضة تلك التي تمارسها القوى الكبرى المعاصرة، وتريد بها غزو المسلمين، وفرض القيم والمبادئ الغربية المنحرفة، فهل يصح أن يستسلم المسلمون لهذا الغزو، وأن يكونوا مائدة لهذه العولمة الظالمة؟
فهل تليق أن يتخوف المسلمون من العولمة أم يمارسونها ويحققون عالمية الإسلام من خلالها؟
إن نزعة الهروب للداخل نزعة الجهلاء والجبناء، وهل يستطيع الهروب من تحاصره رياح العولمة العاتية أينما كان؟ إن ثمن الهروب أكبر من ثمن المواجهة .. والمواجهة ليست بالضرورة أن تكون بقوة السلاح، فقوة المبادئ والثقة بالنفس، والشعور بإفلاس الحضارات المادية في القيم والمبادئ، والتخلص من عقدة النقص والتجاوز لداء الإحباط، والدثر بالفأل المصحوب