للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعفو والصفح فهو أقرب للتقوى {وأن تعفو أقرب للتقوى} وهو فضل ينبغي ألا ينس {ولا تنسوا الفضل بينكم} [البقرة: ٢٣٧].

بل هي دعوة للتعامل مع غير المسلمين وإن أساءوا {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: ١٠٩]. {قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} [الجاثية: ١٤، ١٥].

وفي الآية كما قال أهل التفسير أمر لعباده المؤمنين بحسن الخلق والصبر على أذية المشركين به، الذين لا يرجون أيام الله أي لا يرجون ثوابه، ولا يخافون وقائعه في العاصين، فإنه تعالى سيجزي كل قوم بما كانوا يكسبون (١).

أيها المؤمنون ديننا دين السماحة وهو أحب الأديان إلى الله، قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأديان أحب إلى الله؟ قال: «الحنيفية السمحة» (٢).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله قوله: أحب الدين، أي خصال الدين؛ لأن خصال الدين كلها محبوبة، لكن ما كان منها سمحًا- أي سهلًا- فهو أحب إلى الله. اهـ.

السماحة في الدين لا تعني عدم طلب الأكمل .. ولا تعني التراخي المؤدي إلى الترخيص غير المشروع .. لكنها سماحة لا غلو، وترفق لا تشديد لاسيما في مواضع الرخص .. ولهذا علق ابن حجر على الحديث الصحيح الذي رواه


(١) (تفسير السعدي).
(٢) رواه أحمد ١/ ٢٣٦ بإسناد حسن (الفتح ١/ ٩٤) وأورده البخاري في صحيحه معلقًا، لكن وصله في الأدب المفرد بدون إسناد، باب الدين يسر (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>