للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا .. إلخ الحديث (رقم ٢٩).

علق الحافظ بقوله: المعنى: لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية، ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب، قال ابن المنير: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع، وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة فإنه من الأمور المحمودة، بل (المقصود) منع الإفراط المؤدي إلى الملال، أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل أو إخراج الفرض عن وقته كمن بات يصلي الليل كله ويغالب النوم إلى أن غلبته عيناه في آخر الليل فقام عن صلاة الصبح في الجماعة أو إلى أن خرج الوقت المختار، أو إلى أن طلعت الشمس فخرج الوقت.

ثم أورد الحافظ حديث محجن بن الأدرع عند أحمد، ولفظه «إنكم لن تنالوا هذا الأمر بالمغالبة وخير دينكم اليسرة» ثم قال ابن حجر: وقد يستفاد من هذا الإشارة إلى الأخذ بالرخصة الشرعية، فإن الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصة تنطع كمن يترك التيمم عند العجز عن استعمال الماء فيفضي استعماله إلى حصول الضرر (١).

وهكذا فرق العلماء بين التشدد المحذور وبين الترخيص غير المقبول حتى توضع سماحة الإسلام في موضعها الصحيح.

إخوة الإسلام ومن هدي النبوة قبس يضيء في السماحة وأثرها حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «اسمح يسمح لك» (٢).


(١) (الفتح: ١/ ٩٤، ٩٥).
(٢)
رواه أحمد وصحح إسناده أحمد شاكر ٤/ ٥٤، وفي لفظ آخر مرسل: «اسمحوا يسمح لكم» وصححه الألباني في صحيح الجامع (١/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>