للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن الذين يعشقون الحر بدون هدف نبيل قوم غلاظ الأكباد في مشاعرهم جفاء .. وفي أخلاقهم عوج .. لديهم أنانية، وفيهم حب للسيطرة .. وعندهم نزعة لفرض مبادئهم وأفكارهم بالقوة .. ولا حقق الله أماني من يريدون أن يقذفوا بغيرهم البحر .. أو يرجوا بهم في السجون (السلام) ما أعذب هذه الكلمة، وأعمق مدلولها .. إنها جزء مهم في الإسلام بل هي من خير الإسلام .. فقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ فأجابه: «تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» (١) هي تحيتنا أهل الإسلام منذ خلق الله أبانا آدم وقال له: اذهب إلى أولئك النفر من الملائكة فسلم عليهم، واستمع ما يحيونك به، فإنها تحيتك وتحية ذريتك (٢).

وهي رمز وسبب للمحبة والتآلف وطريق إلى الجنة «والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تأمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» (٣).

والسلام أحد مؤشرات الإيمان، وفي البخاري معلقًا- ووصله غيره- عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان .. الإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار (٤).

إن في بذل السلام -لمن عرفت ومن لم تعرف-، من الصغير والكبير، والغني والفقير، والأبيض والأسود، والقريب والبعيد .. تواضعًا وصلة ومحبة توجب للعبيد رفعة الدرجات وتكفير السيئات .. فالمسلمان إذ التقيا وسلم كل منهما


(١) (متفق عليه، مسلم (٣٩).
(٢) (رواه البخاري في الاستئذان، باب بدء السلام).
(٣) (رواه مسلم وغيره ٥٤).
(٤) قال ابن القيم معلقًا: وقد تضمنت هذه الكلمات أصول الخير وفروعه (زاد المعاد ٢/ ٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>