للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الآخر تحاتت ذنوبهما كما يحت الشجر ورقه.

أجل لقد كان من هديه عليه الصلاة والسلام. السلام على الصبيان (١) وفي هذا تعويد لهم على الخير، وإشعار لهم بالمحبة، وتقدير لمشاعرهم .. وأكرم بذلك من تربية.

بل كان من هديه- عليه الصلاة والسلام- إشاعة السلام، فالصغير يسلم على الكبير والمار يسلم على القاعد، والراكب على الماشي، والقليل على الكثير، (وأولى الناس بالله من بدأهم بالسلام) (٢).

وإذا ظن البعض أن السلام في القدوم على القوم فقط، فالسنة تصحح ذلك وتضيف السلام عند الانصراف، وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام: «إذا قعد أحدكم فليسلم، وإذا قام فليسلم، وليست الأولى أحق من الآخرة» (٣).

وثمة تنبيه وملمح في السلام على المسلمين داخل المسجد، فبأيهما يبدأ بالتحية على المسلمين، أم بالتحية للمسجد؟ قال ابن القيم رحمه الله: ومن هديه صلى الله عليه وسلم أن الداخل إلى المسجد يبتدئ بركعتين تحية المسجد، ثم يجيء فيسلم على القوم فتكون تحية المسجد قبل تحية أهله، فإن تلك حق الله تعالى، والسلام على الخلق هو حق لهم، وحق الله في مثل هذا أحق بالتقديم .. ثم ساق ابن القيم قصة الرجل المسيء في صلاته، والذي بدأ بتحية المسجد ثم السلام على النبي صلى الله عليه وسلم كشاهد لهذا وعلى هذا- كما يقول ابن القيم- يسن لداخل المسجد إذا كان فيه جماعة ثلاث تحيات مترتبة: أن يقول عند دخوله: بسم الله


(١) (ذكره البخاري ومسلم).
(٢) أخرجه أحمد بسند صحيح (زاد المعاد ٢/ ٤١٢).
(٣) (رواه أبو داود والترمذي، وأحمد وغيرهم بسند حسن (السابق ٢/ ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>