للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينهما في غير آية من كتابه، قال تعالى {وادعوه خوفًا وطمعًا} (١) وقال تعالى {ويرجون رحمته ويخافون عذابه} (٢).

وفي الحديث المتفق على صحته يبين النبي صلى الله عليه وسلم لماذا يكون الخوف والرجاء فيقول: «لو يعلم المؤمن بما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط ما جنته أحد» وقد اشتمل الحديث - كما قال الحافظ ابن حجر- على الوعد والوعيد المقتضيين للخوف والرجاء، فمن علم أن من صفات الله تعالى الرحمة لمن أراد أن يرحمه، والانتقام بما أراد أن ينتقم منه، لا يأمن انتقامه من يرجو رحمته، ولا ييأس من رحمته من يخاف انتقامه، وذلك باعث على مجانبة السيئة لو كانت صغيرة، وملازمة الطاعة ولو كانت قليلة» (٣).

دخل المصطفى صلى الله عليه وسلم على شاب وهو في الموت فقال: «كيف تجدك؟ » قال: أرجو الله وأخاف ذنوبي، فقال رسوله الله صلى الله عليه وسلم: «لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو».

إخوة الإيمان إذا كان يحسن الرجاء بالله في كل موطن، وحسن الظن بالله في كل حال، فذلك أجمل وأحرى في لحظات العبد الأخيرة وقرب رحيله من الدنيا، ولهذا كان السلف رحمهم الله يستحبون أن يلقنوا العبد محاسن عمله عند موته لكي يحسن ظنه بربه.


(١) سورة الأعراف، الآية: ٥٦.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ٥٧.
(٣) فتح الباري ١١/ ٣٠٢، في الرقاق باب الرجاء مع الخوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>