للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الذين تلوك ألسنتهم الكذب، ويزعمون أن الإسلام ظلم المرأة ويكرهون أن تكون دية المرأة نصف دية الرجل، وشهادة المرأتين بشهادة رجلٍ واحد، أو يحاربون تعدد الزوجات بشتى الوسائل أو يعتبرون تشريعات الإسلام، تلك أو مثيلاتها تقاليد عفا عليها الزمن، ولا تناسب المدنية المعاصرة فأولئك يكفرون بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وإن عملوا به، وهم في عداد المنافقين، وإن صلوا وصاموا مع المسلمين {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (١).

إنه مسلك خفي خطير، لابد أن يعالج المرء نفسه عن الوقوع في شراكه، فلا يكفي أن يعمل المسلم بشرائع الإسلام وهو يجد من نفسه كرهًا لشيءٍ فيها ... بل لابد من الرضا والتسليم، وانتفاء الحرج {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (٢).

أيها المسلمون، وثمة استدراكٌ لطيف في عدم الاستعجال بالحكم على الناس ببغض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم نتيجة خطأٍ واقع يجليه أحد العلماء العارفين ويقول: ومما ينبغي التنبيه عليه أن كثيرًا من الناس قد تبين له منكرًا ما، فيرفض القبول، ولا يقبل ما تقول، خصوصًا عند ارتكابه، فهذا لا يطلق عليه أنه مبغض لما جاء به الرسول دون تفصيل، لأنه قد لا يقبل الحق الذي جئته به، لا لأنه حق، ولكن لسوء تصرُّفك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلو جاءه غيرك وبين له نفس المنكر لقبل وانقاد، أو أنه لا يقبل منك لما بينك وبينه من شيءٍ ما، فهذا لا يسمى مبغضًا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ... إلى أن يقول: وهناك من


(١) سورة محمد، الآية: ٢٨.
(٢) سورة النساء، الآية: ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>