للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب قبلنا بما وقع فيه من التبديل الذي لم يُنْكَرْ عل أهله .. ) بل يصِفُ الشيخ طائفةً ثالثةً لابد من الإنكار عليها علانية، وبيان حالها للناس فيقول في كلامٍ بديعٍ أنقله لكم بنصه وحروفه: (وإذا كان أقوامٌ ليسوا منافقين، لكنهم سمّاعون للمنافقين، قد التبس عليهم أمرهم حتى ظنوا قولهم حقًا، وهو مخالفٌ للكتاب، وصاروا دعاةً إلى بِدَع المنافقين، كما قال تعالى: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} (١)، فلابد أيضًا من بيان حال هؤلاء، بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم، فإنّ فيهم إيمانًا يوجِبُ موالاتهم، وقد دخلوا في بِدَعٍ من بِدَعِ المنافقين التي تُفْسد الدين، فلابد من التحذير من تلك البِدَع وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم، بل ولو لم يكن قد تلقوا تلك البدعة عن منافق، لكن قالوها ظانين أنها هدى، وأنها خير، وأنها دين- ولم تكن كذلك- لوجب بيان حالها) (٢).

وهكذا تتضح الحاجة إلى النصح سرًا وعلنًا، حسب مقتضيات الأحوال والظروف.

أيها المسلمون، هذه بعضٌ من الشروط والضوابط والآداب في نقد الآخرين، يُلْحَقُ بها: نقد الفكرة أَوْلى من نقد الأشخاص، وبيان المنهج الحق كفيلٌ ببيان عورِ المناهج المنحرفة، لأن الأشخاص يذهبون، والأفكار تبقى، وإغفال الناقد وإهماله- أحيانًا- أقصر الطرق لنسيانه، وربما أعطاه فرصةً للتأمْل في ذاته، بل كان من منهج أهل السنة والجماعة، أحيانًا، إغفال الفكرة كذلك وعدم الرد عليها حتى لا يكون ذلك سبيلاً إلى بقائها بعد فناء أصحابها، ومعرفة أجيال لم تشهدها من قبل.


(١) سورة التوبة، الآية: ٤٧.
(٢) الفتاوى ٢٨/ ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>