للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بيتها، رأى في وجهها سفعة: (بها نظرة استرقوا لها) (١).

والسفعة علامة من الشيطان، وقيل ضربةٌ واحدةٌ منه (٢). والمعنى: بها عينٌ أصابتها نظرةٌ من الجن أنفذ من أسنة الرماح (٣).

ولهذا (كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ من (الجان)، ومن (عين الإنسان) حتى إذا نزلت المعوذتان أخذ بهما، وترك ما سوى ذلك) (٤).

عباد الله، ومع ثبوت العين وأثرها بإذن الله، حتى قال عليه الصلاة والسلام «أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين) (٥). فلا ينبغي الإفراط ولا التفريط بشأنها، وكما لا يسوغ إنكارها .. فلا ينبغي الإسراف بشأنها ونسبة كل شيء إليها .. وفوق ما مضى من الأدلة يردُّ ابن القيم، رحمه الله، على المنكرين لأثر العين بقوله: (فأبطلت طائفةٌ ممن قل نصيبهم من السّمع والعقل، أمر العين وقالوا: إنما ذلك أوهامٌ لا حقيقة لها، وهؤلاء من أجهل الناس بالسمع والعقل، ومن أغلظهم حجابًا، وأكثفهم طباعًا، وأبعدهم معرفةً عن الأرواح والنفوس وصفاتها وأفعالها وتأثيراتها، وعقلاءُ الأمم علي اختلاف مللهم ونِحَلهم، لا تدفع أمر العين ولا تُنكرِه، وإن اختلفوا في سببه، وجهة تأثير العين .. ) (٦).

أما المسرفون بشأن العين فتطاردهم الأوهام، ويحاصرهم القلق، ويضيف عندهم اليقين، ويختل ميزان التوكل. أولئك يعظمون البسيط، وينسبون كل


(١) رواه البخاري ومسلم [خ ١٠/ ١٧١، م (٩٧)].
(٢) النهاية ٢/ ٣٧٥.
(٣) شرح السنة ١٢/ ١٦٣.
(٤) أخرجه الترمذي، وحسبه وأخرجه غيره (٢٠٥٩/ زاد المعاد/ ٤/ ١٦٥).
(٥) رواه البخاري في التاريخ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (١٢١٧).
(٦) زاد المعاد ٤/ ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>