للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إخفاق أو فشل إلى العين، وإن لم يكن بهم عين، وربما استدرجهم الشيطان فأمرضهم وما بهم مرض، وأقعدهم عن العمل وما بهم علّة، ذلكم أن نسبة العجز والكسل إلى الآخرين أسهل من الاعتراف به وتحمّل لوم الآخرين.

وبين هؤلاء الجفاة والغلاة تقف طائفة من الناس موقفًا وسطًا، تؤمن بالعين وتصدق بآثارها نقلاً وعقلاً، ولا تُغالي فتنسب كل شيء إليها، تتقي العين قبل وقوعها، وتفعل الأسباب المأذون بها شرعًا بعد وقوعها.

أيها المسلمون، وإذا كان هذا كله يقال (للمَعين) فيقال للعائن: اتق الله، ولا تضر أحدًا من إخوانك المسلمين، وإياك والحسد فإنه منفذٌ للعين فكل عائنٍ حاسدٌ، وليس كل حاسدٍ عائنًا، ولما كان الحاسدُ أعمَّ من العائن كما في قوله تعالى {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (١).

والعائن ربما فاتته نفسه أحيانًا، فوقعت منه العين، وإن لم يردها، وقد يكون العائن صالحًا، وربما أصاب أقرب الناس إليه، وإن لم يقصد، من والدٍ أو ولد. ولذا يوصى المسلم عمومًا، والعائن خصوصًا بذكر الله والتبريك حينما يعجبه شيء، وتلك وصية من وصايا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يأمرنا بها حين يقول:

«وإذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يُعجبُه فليَدعُ له بالبركة فإن العين حق) (٢).

إن النفوس المؤمنة لا يفارقها الذكر، ولا ترضى للآخرين بالضُّرِّ، ويصاحبها الدعاء والتبريك والشكر {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ


(١) سورة الفلق، الآية: ٥.
(٢) رواه أبو يعلى في مسنده، والطبراني في الكبير، والحاكم في مستدركه بسند صحيح (صحح الجامع الصغير ١/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>