أيها السلمون ويبحث علماء الجغرافيا أو الجيولوجيا في طبقات الأرض العلوية أو السفلية، فيرون مختلف الجبال وأنواع الصخور، فهذه جُددٌ بيض وتلك حُمرٌ مختلفٌ ألوانُها، وثالثة غرابيب سود، ويلفت نظرهم قممُ الجبالِ العالية وبطون الأودية السحيقة وبين هذا وذاك تنبت أنواعٌ من النباتات وتنتشر أنواع من الحيوانات وإذا اعتدل الهواء في المناطق المتوسطة باتت قمم الجبال العالية السوداءِ بيضاءَ من الثلوج النازلة، وفي حين تنعدم الحياة في المناطق الاستوائية لشدة الحرارة ... تُرى من قَدَّر لهذه وتلك قَدَرهَا .. وهل في مُكنةِ البشر أن ينقلوا جوَّ هذه إلى تلك أو العكس ... أو يبعثوا الحياةَ في الأرض الميتة .. ؟ ! كلا بل هو الله العليم القدير، ويدرك العالمون أكثر من غيرهم أن جوف الأرض يحتفظ بأنواع من المياه الجوفية تختلف في مخزونها، وفي مذاقها، وقربها أو بعدها، فمَن يُمسك البنيانَ إذ يُبنى على ظهر الماء؟ ومن يمنع الأرض أن تتحول إلى طوفان بطغيان الماء في أعلاها وأسفلها إلا الله الذي أنزل من السماء ماء بقدَرٍ فأسْكنه في الأرض، وهو القادر على أن يذهب به متى شاء.
وعلى سطح البسيطة تنتشر أنواعٌ من البشر، تختلف في ألوانها وألسنتها، وتختلف في عوائدها وطرائق حياتها، فمن بثّها وبعث الحياة فيها وألهم كلّ نفس فجورها وتقواها؟ إنه الله يعرفه ويخشاه العالمون، ولا يكفر به إلا الظالمون المعاندون.