للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هما أمتان من سلالة آدم عليه السلام، ما كانتا في شيءٍ إلا كثرتاه، وهما المكثرتان لبعث النار، كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يقول: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فيقول: أبعث بعث النار، فيقول: وما بعث النار؟ فيقول: من كل ألفٍ تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة، فحينئذٍ يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها فيقال: إنّ فيكم أُمتين، ما كانتا في شيء إلا كثرتاه، يأجوج ومأجوج» (١).

لقد كان من رحمة الله لهذا الأمة أن وصلها ذو القرنين، وكان بناؤه السد برهانًا آخر على تمكينه في الأرض، فكيف وقع ذلك كله؟ لقد بلغ ذو القرنين بين السدين، وهما جبلان متقابلان، بينهما ثغرةٌ يخرج منها يأجوج ومأجوج على بلاد الترك، فيعيثون فيهم فسادًا، ويهلكون الحرث والنسل، ويقال: إن هذه المنطقة الواقعة جنوبي جبال القوقاز، وهي المُسماةُ الآن بأرمينيا وجورجيا وأذربيجان- والله أعلم- (٢).

فطلب القوم الذين يسكنون فيها من ذي القرنين أن يجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سدًا، ويعطوه من المال ما يعينه على هذه المهمة ... ولكن ذا القرنين، بعلمه وتمكين الله له، رد عليهم بقوله: {مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} يعني: ما أعطاني الله من الملك والتمكين خير لي من الذي تجمعون، وكذلك قال سليمان- عليه السلام- حين جاءته هدايا وأموال (بلقيس) صاحبة سبأ {أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} (٣).


(١) انظر صحيح البخاري مع الفتح ٨/ ٤٤١ في تفسير سورة الحج، وصحيح مسلم في كتاب الإيمان، باب بعث النار.
(٢) الخالدي/ ٣٣٧.
(٣) سورة النمل، الآية: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>