للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البحر وسيحفظه الله ويرده إليها {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (١).

ولكم معاشر المسلمين أن تعجبوا من قدر الله وقدرته وأمواج البحر بدأت تقذف بتابوت الرضيع (موسى عليه السلام) ذات اليمين وبات الشمال حتى أوصلته إلى بيت فرعون، وكأن الله تعالى أراد- فيما أراد- أن يظهر عجز فرعون وضعفه أمام قوة الله الجبار وقدرته، فإذا كان فرعون يقتل الغلمان من أجل هذا الغلام، فها هو الغلام يولد، ويسلم من القتل رغم المتابعة الدقيقة، فإذا سلم وصل إلى بيت فرعون دون عناء أو بحث، فهل يستطيع الملك الطاغية أن يقتل غلامًا ما زال في المهد؟ كلا وعناية الله تحيط بالغلام، ورعايته سبحانه تتولاه وصدق الله {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} (٢) وتحقق وعد الله {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} (٣).

ويبدأ، ويستمر موسى عليه السلام في دعوة فرعون وملئه .. ويصر أولئك على الكفر والمعاندة ويلين الدعاة بالقول تارة، ويؤكد موسى وهارون عليهما السلام نبوتهما بالبراهين القاطعة والمعجزات الظاهرة، ويظل الحوار مع فرعون صريحًا جادًا تؤكد فيه الربوبية الحقة لله رب العالمين، وتسلخ من فرعون الدعم العنيد وتنسف الدعوة الكاذبة رغم المكابرة والاستهزاء والتهديد: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣) قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ (٢٤) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ


(١) سورة القصص، الآية: ٧.
(٢) سورة القصص، الآية: ٨.
(٣) سورة القصص، الآية: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>