للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأتم شريعته، وكان من أواخر ما خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} (١) وشرائع الإسلام وسننه كافية شافية، وليس يسوغ للمسلم كلما سمع صيحة هنا أو دعوة هناك تشبَّث بها حتى وإن كانت بدعةً محدثةً في الدين .. وحتى وإن كان مقصرًا فيما صح أمر الله به وفعل رسوله صلى الله عليه وسلم له، فلا بد للمسلم إذًا أن يستسلم لشرع الله وأمر رسوله ويسأل نفسه قبل الإقدام على هذا العمل أهو في كتاب ربه أو أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته، أم عمل به سلف الأمة وخيارها؟ فإن لم يجد من ذلك شيئًا فلا يغتر بكثرة الهالكين، ولا يكن دليله أنه وجد الناس يعملون هذا العمل فهو لهم تبع فالله تعالى يقول: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} (٢) وقال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} (٣) وينعى القرآن على الذين قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون.

إخوة الإيمان، شأن البدعة عظيم، وأمر العبادة لا يسوغ من مجرد التقليد، ولزوم السنة والاتباع فضل من الله عظيم.

ولخطورة البدع، ما ظهر منها وما بطن، اسمعوا ما قاله الأئمة الأعلام لتحذير الأمة من ضلالات الشيطان.

يقول الإمام مالك رحمه الله: (من أحدث في هذه الأمة شيئًا لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الدين لأن الله تعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ


(١) سورة المائدة، الآية: ٢.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ١١٦.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>