للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} (١) فما لم يكن يومئذ دينًا لا يكون اليوم دينًا (٢).

ويقول سفيان الثوري رحمه الله: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها (٣) وذلك أن المبتدع الذي يتخذ دينًا لم يشرعه الله ورسوله قد زين له سوء عمله فرآه حسنًا، فهو لا يتوب ما دام يراه حسنًا لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيء ليتوب منه، فما دام يراه حسنًا، وهو سيئ في واقع الأمر، فإنه لا يتوب، ومع ذلك فالتوبة ممكنة لمن وفقه الله وهداه كما هدى الله الكفار وأصحاب الباطل الذين أبصروا ما هم عليه من الباطل ورغبوا في الحق (٤).

إخوة الإسلام، وقد يسأل سائل ويقوله: ما هي الظروف والأزمان التي تنتشر فيها البدع؟ ولماذا تتعلق بعض النفوس بالبدع؟

والجواب: إذا انتشرت الجهالة بدين الرسل عليهم السلام بين الناس ونما زرع الجاهلية في نفوسهم، وكثر الدعاة المبطلون، واختفى أو قل دور الدعاة المصلحين سارعت الطباع إلى الانحلال من ربقة الاتباع، لأن النفس فيها نوع من الكبر فهي تحب أن تخرج من العبودية بحسب الإمكان، كما قال أحد السلف: ما ترك أحد سنة إلا تكبر في نفسه).

فهي تصير إلى البدعة كمخرج من تكاليف الشرع المستمرة إلى ضروب البدعة والأعمال المؤقتة، إذًا المحافظة على السُّنة تحتاج إلى صبر ومصابرة، ومجاهدة


(١) سورة المائدة، الآية ٣.
(٢) الاعتصام ٢/ ٥٣ عن الولاء والبراء للقحطاني/ ١٤٣.
(٣) شرح السنة ١/ ٢١٦.
(٤) الولاء والبراء بتصرف/ ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>