للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمخلوقات الأخرى، قال أبو هريرة رضي الله عنه: (إنّ الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم) (١). وقال مجاهد، رحمه الله: إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة وأمسك المطر، ويقول: هذا بشؤم معصية ابن آدم).

أيها المسلمون، أما العصاة أنفسهم، أما المفسدون في الأرض، فيكفيهم ما ذل المعصية هوانهم على الله {وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ} (٢).

قال الحسن البصري، رحمه الله: هانوا على الله فعصوه، ولو عزوا عليه لعصمهم، وإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد- كما قال تعالى: {وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ} - وإن الناس في الظاهر لحاجتهم إليهم أو خوفًا من شرهم، فهم في قلوبهم أحقر شيء وأهونه (٣).

ويكفي العصاة المفسدين في الأرض أيضًا محقُ بركة أعمارهم وأموالهم وعلمهم وعملهم، فكل وقتٍ عُصي الله فيه، وكلّ ما عُصى الله فيه، أو بدن، أو جاه، أو علمٍ، أو عملٍ، فهو على صاحبه، ليس له، إذ ليس له من ذلك كله إلا ما أطاع الله فيه.

ولهذا قال العارفون: فمن الناس من يعيش في هذه الدار مائة سنة أو نحوها، ويكون عمره لا يبلغ عشر سنين أو نحوها، كما أن منهم من يملك القناطير المقنطرة من الذهب والفضة، ويكون ماله قي الحقيقة لا يبلغ ألف درهم أو نحوها، وهكذا الجاه والعلم (٤).


(١) الداء والدواء ص ١١٣.
(٢) سورة الحج، الآية: ١٨.
(٣) الداء والدواء/ ١١٢.
(٤) الداء والدواء، تحقيق يوسف بديوي، دار ابن كثير/ ١٦٠، ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>