للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أنه فطرهم على الخير، فكل مولود يولد على الفطرة، وأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه- أما الذين يبقون على الإسلام فهم باقون على أصل الفطرة- وكان أبو هريرة، رضي الله عنه، إذا قرأ هذا الحديث يقول: اقرؤوا إن شئتم قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} (١).

وفي صحيح مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: «خلقتُ عبادي حنفاء، فاجتالتهم الشياطين، وحرّمت عليهم ما أحللْتُ لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا» (٢).

الثاني: من فضل الله على الناس، أنه قد هداهم هداية عامة بما جعل فيهم بالفطرة من المعرفة وأسباب العلم، وبما أنزل إليهم من الكتب، وأرسل إليهم من الرسل، قال تعالى: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الإِنسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} (٣). وقال {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} (٤). أي بيّنا له طريق الخير وطريق الشر (٥).

أيها الإخوة، إذا تقرر هذا فليعلم أن هناك صنفًا من عباد الله يعرفون أسباب المحن ودواعي الفتن، ويعلمون أسباب رفعها وطريق الخلاص منها، أولئك الذين ينظرون بنور الله، وأولئك الذين يقرؤون كتاب الله فيجدون من بين آياته قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (٦).


(١) سورة الروم، الآية: ٣٠. والحديث رواه البخاري ومسلم.
(٢) كتاب الجنة/ ٦٣.
(٣) سورة الرحمن، الآيات: ١ - ٤.
(٤) سورة البلد، الآية: ١٠.
(٥) الحسنة والسيئة/ ٧٩.
(٦) سورة الشورى، الآية: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>