للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القواعد وأتم البنيان شعائر الله، ثم انطلق به إلى المروة فقال: وهذا من شعائر الله، ثم انطلق به نحو منى، فلما كان من العقبة إذا إبليس قائم عند الشجرة فقال: كبر وارمه، فكبر ورماه، ثم انطلق إبليس فقام عند الجمرة الوسطى، فلما حاذاه جبريل وإبراهيم قال له: كبر وارمه، فكبر ورماه، فذهب إبليس، وكان الخبيث أراد أن يدخل في الحج شيئًا فلم يستطع، فأخذ بيد إبراهيم حتى أتى به عرفات، قال: قد عرفت ما أريتك؟ قالها ثلاث مرار، قال: نعم) (١).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن إبراهيم لما أُري المناسك، عرض له الشيطان عند المسعى فسابقه إبراهيم، ثم انطلق به جبريل حتى أتى به منى، فقال: مناخ الناس هذا، فلما انتهى إلى جمرة العقبة تعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب، ثم أتى به الجمرة إلى الجمرة القصوى فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب، فأتى به جمعًا (يعني مزدلفة) فقال: هذا المشعر، ثم أتى به عرفة، فقال: هذه عرفة، فقال له جبريل: أعرفت (٢)؟ .

إخوة الإيمان، وكما عرض الشيطان لأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام، وقبله عرض لأبي البشر آدم عليه السلام، فلا يزال يعرض لعباد الله في عبادتهم في كل زمان ومكان، فهل نقتدي بمن رماه وأخزاه، وهل نفقه من رمي الجمار أن ذلك تعبير عن عصيان الشيطان في كل حال وليس فقط حين رمي الجمار، أم يكون حالنا كحال من يصفعه بالنعال فضلاً عن السب والشتم، وواقعه يشهد باستحواذ الشيطان عليه وطاعته على الدوام ... وتلك ثالثة من فقه الحج ومنافعه فهل يفقه المسلمون أسرار العبادة وينتفعون بآثارها (٣)؟


(١) وروي عن أبي مجلز وقتادة نحو ذلك.
(٢) تفسير ابن كثير ١/ ٢٦٨.
(٣) تفسير ابن كثير ١/ ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>