للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مركب من جبن وعفة، ولهذا لا يكون المستحي فاسقًا، وقلما يكون الشجاع مستحيًا (١).

أما الإخوة المسلمون، والحياء علامة خير، وهو شعبةٌ من شعب الإيمان، كما قال عليه الصلاة والسلام: «الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء سبعة من الإيمان» (٢) والسؤال المهم: لماذا كان الحياء من الإيمان؟ ويليه سؤال آخر لا يقل أهمية: ولماذا أفرد من بين شعب الإيمان؟

أما لماذا كان الحياء من الإيمان، فقد قال ابن قتيبة، يرحمه الله: إن الحياء يمنع صاحبه من ارتكاب المعاصي، كما يمنع الإيمان، فسمي إيمانًا، كما يسمى الشيء باسم ما قام مقامه (٣).

وقال ابن الأثير، يرحمه الله: جُعل الحياء، وهو غريزة، من الإيمان، وهو اكتساب، لأن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي، وإن لم تكن له تقية- أي مانع- فصار كالإيمان الذي يقطع بين العاصي والمعصية، وإنما جُعل الحياء بعض الإيمان لأن الإيمان ينقسم إلى ائتمار بما أمر الله، وانتهاء عما نهى الله عنه، فإذا حصل الانتهاء بالحياء كان بعضَ الإيمان (٤).

أما إفراده من بين شعب الإيمان الأخرى، فذلك لأن الحياء كالداعي إلى باقي الشعب، إذ الحيي يخاف فضية الدنيا والآخرة فيستمر وينزجر.

وهكذا يتضح لكم، معاشر المسلمين، قدر الحياء وقيمتَه، فهو رقابةٌ داخليةٌ تتحكم في سلوكيات الإنسان، وتدفعه لفعل الجميل، وتكفه عن القبائح، حتى


(١) المصدر السابق ١/ ٧٤، ٧٥.
(٢) رواه البخاري. الفتح ١/ ٥١.
(٣) الفتح ١/ ٧٤.
(٤) النهاية في غريب الحديث ١/ ٤٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>