وما أحوج الأمة إلى شهر الصيام وهو يجمع الكلمة الواحدة، ويوحد الصفوف، ويؤلف بين المسلمين فتراهم يلتزمون في وقت واحد، وتراهم ينتظرون الإفطار، ويفطر أهل كل قطر في زمان واحد، إنه مذكر بوحدة المسلمين، ودعوة إلى إخوتهم، وتوادهم، وشيوع المحبة بينهم {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(١). «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» وهذه الوحدة تقلق الأعداء وتراهم يسعون جاهدين لتفريق صف المسلمين .. فهل يفقه المسلمون قيمة وحدتهم ويتداعون لجمع كلمتهم .. ذلكم جزء من أسرار شهر الصيام وما يعقلها إلا العالمون.
أيها الصائمون وشهر الصيام فرصة لمزيد من الاهتمام بتربية الأهل والأولاد على البر والإحسان والتقوى، فحثهم على الصلوات، وترغيبهم في الصدقات، وتدريبهم على الصيام، وتشجيعهم على كثرة الذكر وتلاوة القرآن، وسائر الطاعات كل ذلك يسير في التربية الواجبة في كل حال، لأن النفوس لديها استعداد في رمضان أكثر من غيره من مواسم البر ومواطن الدعاء، وقيام الليل، والاستغفار بالأسحار ما قد لا يتوفر مثله في سائر الأزمان، والأب الناصح هو الذي يستثمر الفرص ويذكر بفضلها، والأم الحانية هي التي تشجع على الخير وتؤازر الأب في تربية الأبناء، وإذا وقع في أذهان البعض أن الأبوين المثاليين هما من يوفران للأبناء ما يحتاجون، ويعاملون الأبناء بالحسنى فلا شك أن غفلة الآباء والأمهات عن توجيه أبنائهم وحثهم على الخير في هذه الأيام الفاضلة هو نوع من الغفلة لا تليق، ونتيجته الخسارة لا في الدنيا فحسب بل وفي الدين ..