للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيهما إلى سبعمائة ضعف (١). وسواء أكان هذا أو ذاك فهذا المثل التشبيهي محصلته سبعمائة ضعف، ولكن- والله أعلم- ذكر بهذه الصيغة ليكون أبلغ في النفوس، إذ فيه إشارة إلى أن الأعمال الصالحة ينميها الله عز وجل لأصحابها كما ينمي الزرع لمن بذره في الأرض الطيبة (٢).

وجاء في صحيح السنة النبوية ما يؤكد مضاعفة الصدقة، بل ومضاعفة كل عمل صالح، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه الإمام أحمد ومسلم في صحيحه: (كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله، يقول الله إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشهوته من أجلي ... الحديث) (٣).

وهل تظن بربك- يا ابن آدم- إلا كل خير حين يختص بالصيام له، وهل يراودك شك أنه سيجزيك به أضعافًا مضاعفة، وهو الكريم الجواد، بل ويضاعف لك أجر الصدقات أضعافًا مضاعفة، كما قال تعالى في الآية الأخرى: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} (٤) وتعال بنا لنقف سويًا عند هذا الحديث الذي رواه أبو عثمان النهدي وتحمَّل في سبيله السفر حين يقول: لم يكن أحد أكثر مجالسة لأبي هريرة مني، فقدم قبلي حاجًا وقدمت بعده، فإذا أهل البصرة يأثرون عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله يضاعف الحسنة ألف ألف حسنة، فقلت: ويحكم والله ما كان أحد أكثر مجالسة لأبي هريرة مني، فما سمعت هذا الحديث، قال: فتحملت


(١) تفسير ابن كثير ١/ ٤٦٧.
(٢) تفسير ابن كثير ١/ ٤٦٧.
(٣) المسند ٢/ ٤٤٣، ومسلم الصيام ٣/ ١٥.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>