للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المنان بما أعطى، والمسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» (١).

وإيّاكَ إيّاكَ أن تأكل الحرام، أو تتصدق بالحرام، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وجاهد نفسك عن إنفاق الخبيث والرديء، وافقه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} (٢).

وقد جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد بسنده إلى ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ... ولا يكسب عبد مالاً من حرام فينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتصدق فيقبل منه، ولا يتركه خلف ظهره، إلا كان زاده إلى النار، إن الله لا يمحو السيء بالسيء ولكن يمحو السيء بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث» (٣).

أيها المسلمون، ولكم بمن سلف من صالحي الأمة مثل وعبرة، وقد استجابوا لله والرسول صلى الله عليه وسلم، فهذان الخَيّران: أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، يتنافسان في الصدقة، فيجيء عمر بنصف ماله، ويأتي أبو بكر بماله كله ويكاد أن يخفيه من نفسه، ويقول له النبي صلى الله عليه وسيلم: وما خلفت وراءك لأهلك يا أبا بكر؟ فيقول: عدة الله وعدة رسوله، ثم يبكي عمر ويقول: بأبي أنت يا أبا بكر، والله ما استبقنا إلى باب خير قط إلا كنت سابقًا، ويقال فيهما نزلت: {إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ ... الآية} (٤).


(١) الحديث رواه مسلم ١/ ٧١، ٧٢.
(٢) سورة البقرة: الآية: ٢٦٧.
(٣) المسند ١/ ٣٨٧ تفسير ابن كثير ١/ ٤٧٣.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٧١، انظر تفسير ابن كثير ١/ ٤٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>