للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى قال ابن الأثير: فالسيف بين المسلمين مسلول، والفتنة قائمة على ساق (١).

يقول الحافظ ابن كثير في بيان شيء من ذلك: استهلت سنة ثمان وخمسين وليس للناس خليفة. وملك العراقين وخراسان وغيرها بلاد المشرق لهولاكو خان ملك التتار، وسلطان ديار مصر الملك المظفر وسيف الدين قطز مملوك المعزّ أيبك التركماني، وسلطان دمشق وحلب الملك الناصر بن العزيز بن الظاهر، وبلاد الكرك والشوبك للملك المغيث بن العادل بن الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب، وهو حرب مع الناصر صاحب دمشق على المصريين، ومعهما الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري، وقد عزموا على قتال المصريين وأخذ مصر منهم، وبينما الناس على تلك الحال دخل جيش التتر- صحبة ملكهم هولاكو- وجازوا الفرات على جسور عملوها، ووصلوا إلى حلب فحاصروها سبعة أيام ثم فتحوها بالأمان لأهلها، ثم غدروا بهم، وقتلوا منهم خلقا لا يعلمه إلا الله عز وجل، ونهبوا الأموال وسبوا النساء والأطفال، وجرى عليهم قريب مما جرى على أهل بغداد، وبقيت حلب كأنها حمار أجرب (٢).

إخوة الإيمان لم يصل التتر بلاد الشام إلا وقد عاثوا في الأرض فسادًا في العراق، ويكفي أن تعلم من مآسيهم في بغداد - حين أسقطوها وقتلوا الخليفة العباسي فيها (أنهم مالوا على البلد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان، ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش وقني الوسخ، وكمنوا كذلك أيامًا لا يظهرون، وكان الجماعة


(١) الكامل ١٢/ ٣٦١.
(٢) كذا نقل الحافظ ابن كثير رحمه الله (البداية والنهاية ١٣/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>