للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا تحقق الغروب سار الحجاج إلى مزدلفة ملبين بسكنية ووقار، فإذا وصلوا مزدلفة صلوا بها المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا ثم يبيتون بها، حتى إذا أصبحوا صلوا الفجر في أول وقتها- كما جاء عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم- ثم يستقبلون القبلة يذكرون الله تعالى ويدعونه حتى يسفروا جدًا، ثم يدفعون إلى مِنى قبل طلوع الشمس ملبين وعليهم السكينة، والمبيت بمزدلفة واجب لا ينبغي التساهل فيه، وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم للضعفاء أو أصحاب الأعذار بالدفع منها بعد مغيب القمر.

فإذا وصل الحجاج إلى منى رَمَوا جمرة العقبة- وهي أقرب الجمرات إلى مكة- بسبع حصيات ولا يرمون غيرها في هذا اليوم، أما اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر لمن تأخر فيرمي الجمرات الثلاث مبتدئًا بالصغرى ثم الوسطى ثم العقبة، وهنا عدة أمور يحسن التنبيه عليها في الرمي:

١ - أن الرمي كغيره من أعمال الحج لإقامة ذكر الله- كما ورد في الحديث- وهذه حكمة عامة، وهناك حكمة خاصة ألا وهي تذكر موقف إبراهيم عليه السلام حين أتى المناسك فاعترض له الشيطان في جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له في الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (الشيطان ترجمون وملة أبيكم تتبعون). فالاقتداء بأبينا إبراهيم عليه السلام مطلب، واستشعار عداوة الشيطان مطلب، كذلك الرمي بالحجارة من أكبر مظاهر العداوة (١).

٢ - من السنة بعد رمي الجمرة الأولى والثانية التوقف بعدهما بالدعاء، فتلك


(١) ذكره الشنقيطي رحمه الله، أضواء البيان ٥/ ٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>