للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباد الله وإذا كانت تلك حقائق يشهد الواقع بها ويؤكدها القرآن والسنة، فما سبيل الخلاص من فتنة الدنيا المهلكة؟

إن أول طريق للخلاص هو التفكير المستمر في الآخرة، وإعطاؤها ما تستحق من الجهد والوقت والتفكير، ففي القلب استعداد للانصراف للآخرة، كما فيه استعداد للانصراف للدنيا، وحين تزاحم إحداهما الأخرى، فسيكون نصيب المغلوب ضئيلاً، سواء كان ذلك للآخرة أم الدنيا، وليختر العاقل ما شاء بين متاع الغرور وبين النعيم الدائم والحبور.

وثمة أمر آخر يعين على الخلاص من فتنة الدنيا، ألا وهو القناعة بما رزق الله والكفاف بالعيش، وفي الحديث الصحيح: «طوبى لمن هُدي للإسلام، وكان عيشه كفافًا وقنع» (١).

والإسلام يصحح المفهوم الخاطئ في الغنى، ويعتبر الأمن، والعافية والقوت القليل تعدل الدنيا بأسرها، فعن عبيد الله بن محصن الخطمي رضي الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا» (٢).

ذلك يعدل النظرة السائدة .. ويطامن من كبرياء النفوس نحو التعلق بالمال، وجمع الحطام، ويدعو إلى القناعة والرضى والعفاف والغنى بالمال، بل هو سبيل إلى عدم التشاغل والتلهي الزائد بالدنيا، كما قال تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} (٣).


(١) صحيح سنن الترمذي ٢/ ٢٧٥.
(٢) صحيح سنن الترمذي ٢/ ٢٧٤.
(٣) سورة التكاثر، الآية: ١، ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>