للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخبز الحواري: هو الذي نخل مرة بعد أخرى (١).

وليس يخفى أنه عليه الصلاة والسلام ربما ربط على بطنه الحجر والحجرين من الجوع، وهو الذي لو شاء وسأل الله أن تتحول له الجبال ذهبًا لأجابه .. ولكنه عرف قدر الدنيا وآثر عليها الآخرة ..

وكذلك كان أصحابه رضوان الله تعالى عليهم، واسمعوا إلى واحد من خيارهم يشخص حالته ونفرًا من أصحابه فيقول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: إني لأول رجل أهراق دمًا في سبيل الله، وإني لأول رجلٍ رمى بسهم في سبيل الله، ولقد رأيتني أغزو في العصابة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ما نأكل إلا ورق الشجر، والحبلة حتى إن أحدنا ليضع كما تضع الشاة والبعير (٢) ..

وعن فضالة بن عبيد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى بالناس يخرُّ رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة، وهم أصحاب الصفة، حتى تقول الأعراب: هؤلاء مجانين أو مجانون، فإذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف إليهم فقال: «ولو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أن تزدادوا فاقةً وحاجةً» قال فضالة: وأنا يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (٣).

أما أبو هريرة رضي الله عنه فَيُحدِّث عن نفسه ويقول: وقد رؤي عليه ثوبان ممشقان من كتان فمخط في إحداهما ثم قال: بخ بخ يمتخط أبو هريرة في الكتان؟ لقد رأيتني وإني لأخر فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحجرة عائشة من الجوع مغشيًا عليَّ، فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي يرى أن بي الجنون، وما بي


(١) النهاية في غريب الحديث ١/ ٤٥٨.
(٢) رواه الترمذي بسند صحيح، صحيح سنن الترمذي ٢/ ٢٧٧،
(٣) رواه الزمني وغيره بسند صحيح، صحيح سنن الترمذي ٢/ ٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>