ضعف اليقين، وضحالة التوكل على الله، وإلا فما زوى الله من نعمةٍ عن شخصٍ، لا يمكن أن ينتزعها الناس له ولو اجتمعوا، كما أن ما أصاب المرء من خير لا يمكن أن يرفعه الناس ولو تكالبوا على ذلك وتعاونوا.
وثقة المرء دائمًا بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه فيها إراحة للقلب والضمير وفيها قناعة ورضا بالمكتوب .. ولن يحصل الحسود على غير ما قسم الله له، ولن يفلح الحقود بمقصده، ولن يسلم ذو الغل من آفة تقلق مضجعه وتنغص عليه عيشه.
ومن أمراض القلب كذلك الكبر والعجب والرياء وهي أَدْواء نسأل الله السلامة منها، إذ تعزل الفرد غالبًا عن مجتمع الناس، وتخيل لصاحب الكبر والعجب أنه في منزلةٍ يقصر الناس دونها فلا يسايرهم في حياتهم ولا يأنس بوجوده معهم، تراه دائمًا عبوس الوجه، مقطب الجبين، والدنيا أقل من ذلك وأهون، لا سيما إذا لم يكن ذلك في طاعة الله ومن أجل الانتصار لدين الله، بل وما أُثر في دين الله تقطيب الجبين، ومحمد صلى الله عليه وسلم، وهو خير الدعاة، كان يبتسم في وجه كل أحد، ويطيب خلقه مع كل من قابله، وربما كان حُسن خلقه سببًا في إسلام خصومه والمناوئين له.
فالكبر والعجب آفات قاتلة، وهي أمراض خطيرة وحَرِيَّة بالعلاج، وصدق الشاعر حينما قال:
كن كالنجم لاح لناظر ... على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تكن كالدخان يعلو بنفسه ... إلى طبقات الجو وهو وضيع
أما الرياء فهو الآخر آفة قاتلة- نسأل الله السلامة منه- وهو تَزَيُّن أمام المخلوقين وخداع ومراوغة أمام رب العالمين، وهو من كونه معصية للخالق