للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويروى أنه كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «اللهم إني أسألك قلبًا سليمًا» والقلب السليم هو السالم من الآفات والمكروهات كلها، وهو القلب الذي ليس فيه سوى محبة الله وخشيته.

وقد امتدح الله خليله إبراهيم، عليه السلام، بسلامة القلب فقال: {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (١).

وربط النبي صلى الله عليه وسلم بين استقامة الإيمان، وصلاح القلب فقال عليه الصلاة والسلام «لا يستقيمُ إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، ولا يدخل الجنة حتى يأمن جارُه بوائقه» وبوائق الجار غشه وظلمه (٢).

ولهذا كان السلف- رحمهم الله- ينصح بعضهم بعضًا بإصلاح القلب ومداواته، فقد قال الحسن- رحمه الله- لرجل: داو قلبك فإن حاجة الله إلى العباد صلاح قلوبهم، والمعنى: الإصلاح للقلوب حتى تستقر فيها معرفة الله وعظمته ومحبته وخشيته ومهابته، ورجاؤه والتوكل عليه، ويمتلئ من ذلك، وهذا هو حقيقة التوحيد، وهو معنى قول: لا إله إلا الله (٣).

إخوة الإسلام، إذا عُلم هذا كله فليُعلَم أن أدواء القلب كثيرة، وأمراضه متنوعة، وعلله وأسقامه خفية، ومن أمراض القلب الغل والحقد والحسد، وهذه مواد فاسدة إذا أُصيب بها القلب حُجب عن النور والخير، وبات دائمًا تأكل هذه الأدواء الفاسدة قلبه، وتحجبه عن السمو والطهر، وهي أدواء غالبًا ما تنشأ من


(١) سورة الصافات، الآية: ٨٤.
(٢) الحديث رواه أحمد وفي إسناده على بن مسعدة، ووثقه جماعة وضعفه آخرون، المجمع ١/ ٥٣.
(٣) جامع العلوم والحكم/ ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>