للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجل عن فرسه وحلف على السلطان ليركبنها، فامتنع وقال لذلك الأمير: ما كنت لأحرم المسلمين نفعك، ولم يزل كذلك حتى جاءته الوشاقية بالخيل فركب، فلامه بعض الأمراء، وقال: لم لا ركبت فرس فلان؟ فلو أن بعض الأعداء رآك لقتلك وهلك الإسلام بسببك؟ فقال- رحمه الله - أما أنا فكنت أروح إلى الجنة، وأما الإسلام فله رب لا يضيعه، قد قتل فلان وفلان وفلان حتى عدّ خلقًا من الملوك، فأقام للإسلام من يحفظه غيرهم، ولم يضع الإسلام (١).

ويقول الذهبي ويذكر عنه أنه يوم عين جالوت لما رأى انكشافًا في المسلمين رمى عن رأسه الخوذة وحمل، ونزل النصر (٢).

وكان رحمه الله يستنزل النصر من الله وحده، ويتأسى بالرسول صلى الله عليه وسلم في وقت القتال، وينتظر دعاء المسلمين، وقد نقل عنه أنه حين رأى عصائب التتار قال للأمراء والجيوش الذين معه: (لا تقاتلوهم حتى تزول الشمس وتفيء الظلال، وتهب رياح النصر، ويدعو لنا الخطباء والناس في صلاتهم) (٣). وكانت المعركة يوم الجمعة ذلكم توكل على الله حميد، وإدراك واع لقيمة الزمن فريد، وتأس مشروع بخير البشر عليه الصلاة والسلام.

وحين صدق المجاهدون وتوفرت أسباب النصر أنزله الله النصر وأقر به أعين المسلمين، وقتل من قتل، وأسر خلق من الروم، وكان قائد التتر ونائب هولاكو على بلاد الشام «كتبغا نوين» وجماعة من أهل بيته في عداد (٤).

وظل قطز متصلاً بربه شاكرًا أنعمه، فهو حين تحقق من قتل (كتبغا) خر لله


(١) البداية والنهاية ١٣/ ٢١٤.
(٢) السير ٢٣/ ٢٠١.
(٣) البداية والنهاية ١٣/ ٢١٥.
(٤) المصدر السابق ١٣/ ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>