للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ساجدًا ثم قال: (أنام طيبًا، كان هذا سعادة التتار وبقتله ذهب سعدهم)، قال ابن كثير: وهكذا كان كما قال، ولم يفلحوا بعده أبدًا (١).

يا أمة الإسلام إذا كان هذا بعضًا من جهاد وصدق الأمراء، فإليكم نموذجًا من صدق وإخلاص العلماء في محنة التتر- فوق ما سلفه فحين فكر السلطان «قطز» بجمع الأموال من الناس ليصرف منها على الجهاد والمجاهدين طلب رأي العلماء فتحدثوا، وكان من بين هؤلاء العز بن عبد السلام يرحمه الله- وكانت العمدة على ما يقوله العز- كما نقل الحافظ ابن كثير: وكان حاصل كلامه أنه قال: (إذا لم يبق في بيت المال شيء، ثم أنفقتم أموال الحوائض المذهبة وغيرها من الفضة والزينة، وتساويتم أنتم والعامة في الملابس سوى آلات الحرب بحيث لم يبق للجندي سوى فرسه التي يركبها، ساغ للحاكم حينئذ أخذ شيء من أموال الناس في دفع الأعداء عنهم، لأنه إذا دهم العدو البلاد وجب على الناس كافة دفعهم بأموالهم وأنفسهم) (٢).

قال الخالدي: (وقد تقبل السلطان المؤمن هذه النصيحة بقبول حسن، فأمر جميع الأمراء من المماليك بجمع ما لديهم ففعلوا، عند ذلك تسابق المسلمون إلى المشاركة بكل ما يملكون من أموال وأنفس، لأنهم رأوا قيادتهم تضرب لهم المثل الأعلى في البذل والفداء) (٣).

وإذا أفلح هذا السلطان مع هذا العالم في إنقاذ البلاد والعباد حين كان التشاور والتناصح ومصلحة المسلمين رائدهما، فقد كان للعز موقف آخر مع


(١) البداية ١٣/ ٢١٠، ٢١٦.
(٢) البداية والنهاية
(٣) العالم الإسلامي والغزو المغولي/ الخالدي/ ١٠٦، ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>