للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مغنم ويؤجر عليها صاحبها، وإن ربطها فخرًا ونواء لأهل الإسلام فهذه على صاحبها وزر، وإن جعلها للتعفف واقتناء نسلها، ولم ينس حق الله فهي لصاحبها ستر.

ويمكن قياس غيرها عليها من الدواب التي تركب وتستخدم للخير أو الشر مما يتوفر في كل زمان ومكان محببًا للنفوس.

ومثل ذلك يقال في الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم مما كانت العرب تقتنيها وتستخدمها، ولا يزال الناس يحبون هذه الأنعام ويرعونها وربما فتنت بعضهم فأبعدتهم عن الجمع والجماعات، أو قطعته عن الأرحام وذوي القرابات والأمر كذلك بالنسبة للزروع والحرث التي تعلق الناس بها في زماننا، حتى نأت بأصحابها الديار، وعمرت بسببها الصحاري والقفار، واغتنى بسببها قوم وافتقر آخرون.

وعلى كل حال المعجزة تتحقق، والخير يصدق، وواقع الناس يؤكد ارتباطهم ومحبتهم لهذه الزينة في الحياة الدنيا، كما قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} (١).

لكن ما الذي وراء هذه الآية، وما هو التوجيه الرباني بعدها؟ وإذا كان هذا متاع الدنيا، فما هو متاع الآخرة، يقول تعالى في الآية التي بعدها {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} (٢).


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٤.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>